لله در فقيه النفوس وتقلّبات الأيام بأهلها "الحسن البصري" رحمه الله تعالى، أبصر ببصيرة عالم رباني حقيقة "يوم جديد" في حياة كل منا، فسطّر من بديع الحكمة ما أصبح يُقرن باسمه، كلما ذكرت الأيامُ وعِبَرُها وغِيَرُها..
"ما من يوم ينشق فجره إلا ويُنادى: يا ابن آدم أنا خلق جديد، وعلى عملك شهيد، فتزوّد منى فإني إذا مضيت لا أعود.. إلى يوم القيامة"..
"إنما أنت أيام مجموعة كلما مضى يوم مضى بعضك"..!
"أدركت أقواما كان أحدهم أشح على عمره منه على درهمه"..!
ها نحن نستقبل داخل طيات أعمارنا أياماً تشهد علينا.. أو تشهد لنا.. أياماً تطوي صفحة عامٍ؛ طوت الأرض فيه ما شاء الله لها أن تطوي، ممن كانوا بالأمس القريب يمرحون ويفرحون معنا، ثم انفلتت سهامهم من الحياة وحظوظها!
عام جديد.. عام سعيد..! من يهنئ من؟!
منْ تلوح لهم في الآفاق ذكريات رجلين يشقان غبار الصحراء، ويجوبان الفيافي والقفار؛ لتأسيس "أمة" على دعائم الطهر والنقاء، والحب والإخاء؟!
أم منْ تلوح لهم الكؤوس الصفراء في الليالي الحمراء على نغمات "ميلاد" – زعموا! – يئدون فيه الفضيلة.. لقاء دراهم قليلة؟!
عام جديد.. عام سعيد..! من يهنئ من؟!
منْ يستشرفون صفحة جديدة من جهاد الغزاة المعتدين، والذود عن العقيدة والدين، دون ملل أو كلل، أو وهْن أو خَوَر؟!
أم منْ يستشرفون صفعة جديدة يديرون لها خدودا أدمنت الاحمرار والاصفرار.. والانقماع والاندحار.. أمام كل عتلّ جبار؟!
يوم جديد.. عام سعيد..!
أحبتنا في الله.. ختام عامنا يُرى بهلال منير.. يطوي يوماً أخيراً.. في شهر أقسم المولى الجليل بعشر منه هي أفضل أيام الدنيا!
فلا تغرنّكم زخارف "الكريسماس" وهدايا "البابا نويل" عن إشراقات هجرة سيد الورى، وخير من وطئ الثرى؛ محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم؛ فإن كلمة الله وروحه المسيح عليه السلام، بريء من هؤلاء، وسينزل من السماء؛ ليصلي مع أتباع محمد صلى الله عليه وسلم!
فصلوات ربي وسلامه على خاتم النبيين، الذي أسس بالهجرة أمة؛ ثم تركها على المحجة، وسنّ لها هجرة لا تنقطع إلى يوم المعاد: "المهاجر من هجر ما نهى الله عنه"!
فليهنئ نفسه منْ طوى عامه على هجرة مباركة كثرت فيها صحائفه البيضاء!
وليعاهد نفسه على صفحة جديدة منْ قصّر وأساء!
وسلام على المرسلين، البرآء من كل من بدّل وحرّف، وذلّ لهواه وانحرف {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ}!